تخيّل أن نظاماً رقمياً يستطيع أن يعرف ما تفكر فيه قبل أن تنطق، أو يتوقع كيف ستتصرف في موقف معين بدقة مذهلة. هذا لم يعد مجرد مشهد من أفلام الخيال العلمي. اليوم، الذكاء الاصطناعي (AI) يقترب بشكل لافت من فهم وتوقّع السلوك البشري.
لكن… هل وصل فعلاً لهذه المرحلة؟ وهل يمكن أن نثق به؟ هذا ما سنناقشه في هذا المقال.
كيف يحاول الذكاء الاصطناعي “فهمنا”؟
الذكاء الاصطناعي لا “يفهم” مثل الإنسان، لكنه يتعلم من الأنماط. عبر تحليل كميات ضخمة من البيانات (Big Data)، يستطيع استنتاج سلوكيات متكررة وربطها بنتائج معينة.
🧠 على سبيل المثال:
- تتبع نقراتك وسلوكك على الإنترنت → يتوقع ما قد تشتريه.
- تحليل كلماتك في منشورات أو محادثات → يتنبأ بمزاجك أو نيتك.
- مراقبة تحركاتك وتفاعلك مع الأجهزة → يرسم صورة عن عاداتك.
أين وصلنا فعلاً في التوقعات؟
1. في التسويق:
الخوارزميات تعرف متى تكون مستعدًا للشراء، وتعرض لك الإعلان المناسب في التوقيت المناسب.
2. في الصحة النفسية:
بعض الأنظمة تراقب سلوك المستخدم (مثلاً في تطبيقات الدردشة) وتحلل أنماط الاكتئاب أو القلق، بل وتوصي بطلب المساعدة.
3. في الأمن:
أنظمة ذكاء اصطناعي تُستخدم لتوقع الأفعال الإجرامية قبل حدوثها، بناءً على تحليل سلوكيات مشبوهة أو أنماط تكررت سابقًا.
هل التوقع = معرفة أكيدة؟
لا. مهما بلغت دقة التنبؤات، تظل هناك مساحة للخطأ. البشر ليسوا خوارزميات.
السلوك الإنساني معقّد، ومتأثر بالعاطفة، التجارب الشخصية، والظروف اللحظية.
🎯 الذكاء الاصطناعي يتنبأ بما “غالبًا” سيحدث، لكنه لا يملك اليقين.
هل هذا شيء جيد أم مقلق؟
✅ الإيجابيات:
- مساعدات ذكية تفهمك أكثر
- خدمات صحية ووقائية أفضل
- تجارب شخصية محسّنة في كل شيء تقريبًا
⚠️ السلبيات:
- التعدي على الخصوصية
- توقعات خاطئة قد تؤدي لسوء فهم أو قرارات غير عادلة
- القلق من مراقبة دائمة وتحليل مستمر لكل حركة
هل وصل الذكاء الاصطناعي لمرحلة توقع السلوك البشري؟
نعم… إلى حد كبير. الذكاء الاصطناعي بات قادرًا على توقع أنماط سلوكية بناءً على بيانات ضخمة، لكن لا يمكن القول إنه يفهمنا كما نفهم أنفسنا.
هو أداة قوية، لكن تظل النية والوعي الإنساني هما الفارق الحقيقي.